ربيع الجماعة

بعد ثلاثين سنة تعيش مصرا اليوم عصرا لم يسبق أن عاشته ، عصر دو ملامح ديمقراطية إلى حد ما ، فبعد عهد حكم حسني امبارك طوال ثلاثين سنة تركت آثارها واضحة على عقلية وجسد أرض الكنانة،فترة تميزت بقبضة حديدية خبيثة ،استعمل فيها النظام المدحور آلات أمن الدولة و قانون الطوارئ و المحاكمات العسكرية كسمة رئيسية و أسلوب حكم ،لقمع كل عاتب أو ناقم معارض له،ورغم ذلك فإن الشعب المصري و كعادته في الإبداع و التكيف مع كل أنواع المصاعب التي تقف في وجهه ،كان دائما يعيش مخاضا ثوريا تظهر مؤشراته كل مرة يمس فيها رغيف عيشه البسيط ،فنظم نفسه بقيادة مجموعات ذات خلفيات حقوقية من نشطاء ومحامين و طلبة ،وضعت برامج نظالية مدافعة ضد نظام تميز بالخبث السياسي ،و ظهرت حركة كفاية ستة أبريل ...و طبعا دون أن ننسى المعارضة التقليدية ذات الثمانين سنة من الحضر جماعة الإخوان المسلمين التي داق منتسبوها على مر تاريخ مصر الحديث من عهد عبد الناصرو السادات لكن عهد مبارك كان فريدا في قمعه و زج بمعظم أعضاءها في السجون بالمحاكمات العسكرية محابيا لأمريكا مدعيا أنه يحارب الإرهاب حينا و في نفس الوقت يسكت كل الأفوه المعارضة لإسثمرار حكمه الذي لم يجني المصريون من ورءه إلا التخلف والعشوائيات و الأمراض والأوبئة.
فمنذ أن قامت جماعة الإخوان على يد الشيخ حسن البنا والقمع مسلط على أعضائها و منتسبيها، وكان أن جعل منها الحضر و القمع قوة تنظيمية فاعلة جدا فأصبحت الجماعة كيانا استطاع أن يتكيف مع هذا الوضع الضاغط و يوجه كل مجهوداته نحو العمل الإجتماعي الدعوي الخيري و استفادت من نشاط أفردها في المجال التجاري الإسثتماري الذي وفر لها رصيدا ماديا بالإضافة لأسلوب جمع التبرعات التي استخدموها في إنشاء مستشفيات توفر العلاج المجاني للفئات المعوزة الفقيرة و كذلك المساعدات الغدائية في عهد حكم كانت من سمات فشله ظاهرة الطوابير في كل شئ ،وضع استغلته الجماعة رغم أننا نعترف أن هذه الأعمال تقوم بها من منطلق خلفيتها الدينية لكن لا نستطيع أن ننفي نية الإستقطاب و فعلا هذا هذف كان مرسوم له بعناية ونجحت فيه الجماعة بحيث كونت قاعدة شعبية كبيرة جدا استفادت منها في التعبئة و كإحتياط تصويتي مهم رغم سياسة تزويرالإنتخابات الواسعة النطاق و المفظوحة التي كان يذأب على اقترافها النظام المخلوع .
اليوم بعدما قام الشعب بثورته بمساهمة الإخوان الذين ترددوا في أول الأمر شرعت الجماعة في قطف ثمار نظال طويل مرير ،و السؤال الملح هل سيتطيع الإخوان تدبير هذه المرحلة الحساسة من تاريخ مصر؟ مع العلم أن الشعب المصري لا يؤيد الجماعة بأغلبيته و هناك من يرى في الجماعة نظام حكم أسوأ من نظام مبارك ،و طبعا هذا نتج عن تخبط في المواقف وتردد أظهر بعضا من سياسة الإرتجال لدى الجماعة ،إنها بحق فترة امتحان عسيرة تنتظر تذبيرها بحكمة وبالأخص توفير
مستوى معيشي ملائم لشعب متعب ، والنهوض بالإقتصاد، و موقف الجماعة من معاهدة السلام مع اسرائيل ،و وضع المؤسسة العسكرية التي أبدت نوعا من التغول في الفترة الأخيرة ،على أي الأيام القليلة القادمة ستكون حبلى بالأحداث سننتظرها متمنين الخير كل الخير للشعب المصري الشقيق.